الجريمة من الظواهر الاجتماعية المعقدة ولذلك تتداخل العديد من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية. ومن بين هذه العوامل تلعب العوامل النفسية دورًا كبيرًا في تكوين السلوك الاجرامي لدى الأفراد. كما أن من العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة وتشمل النفسية والشخصية، والعوامل الانفعالية، والاجتماعية في تشكيل الدوافع التي تدفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة. في هذا المقال سنتعرف على أهم العوامل النفسية المؤثرة في السلوك الاجرامي وارتكاب الجريمة.

أهم العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة
تنطوي نظريات سيكولوجية الجريمة على 3 فئات من العوامل، والتي تتمثل في العوامل النفسية، والبيولوجية، والاجتماعية. ولكن السلوك البشري هو نتاج تفاعلات معقدة بين العديد من العوامل. يركز هذا المقال على العوامل الرئيسية التي تعبير عن السلوكيات الاجرامية.
نظريات علم الجريمة النفسية
من بين النظريات التي تفسر السلوك الإجرامي:
نظرية التحليل النفسي لفرويد: ترى أن الدوافع اللاواعية والصراعات النفسية تؤثر على سلوك الفرد وتؤدي إلى الجريمة.
نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا: توضح أن السلوك الإجرامي يُكتسب من خلال التعلم من البيئة والملاحظة.
نظرية الضبط الذاتي لهيرشي: تفسر الجريمة على أنها نتيجة لضعف الضبط الذاتي لدى الأفراد.
الاضطرابات النفسية والشخصية المؤثرة في ارتكاب الجريمة
تشير العديد من الدراسات إلى بعض الاضطرابات النفسية التي مرتبطة بالسيكولوجية الجريمة، ومن أهم هذه الاضطرابات التي تعتبر من أهم العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة:
اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (Antisocial Personality Disorder - ASPD): يتميز اضطراب ASPD بعدم احترام القوانين والمعايير الاجتماعية، والاندفاعية، والعدوانية، وانعدام الشعور بالذنب، مما قد يؤدي إلى سلوكيات إجرامية متكررة.
اضطراب الفصام (Schizophrenia): في بعض الحالات من هذا الاضطراب، قد يرتكب الأشخاص المصابون بالفصام جرائم نتيجة الهلاوس السمعية أو الأوهام التي تدفعهم لسلوك عدواني يؤدي إلى ارتكاب الجريمة.
اضطرابات المزاج (Mood Disorders): مثل الاكتئاب الشديد أو اضطراب ثنائي القطب، حيث قد تدفع بعض الحالات الحادة الأفراد إلى ارتكاب جرائم بدافع الغضب أو الانتقام أو حتى إيذاء النفس والآخرين.
العوامل البيولوجية وتأثيرها النفسي
تشير بعض الدراسات إلى أن هناك تأثيرًا بيولوجيًا واضحًا على السلوك الاجرامي، مثل:
العوامل الوراثية: بعض الأبحاث تشير إلى أن بعض الأفراد يكونون أكثر عرضة للجريمة بسبب الجينات الوراثية.
الاختلالات العصبية: التغيرات في كيمياء الدماغ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، قد تؤدي إلى زيادة العدوانية.
العوامل الانفعالية والعاطفية
تؤثر المشاعر والانفعالات بشكل كبير على سلوك الفرد كما انها من العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة، كما أنه يكون لها تأثير على العقل البشري، ومن بين هذه العوامل:
الغضب والعدوانية: قد يكون الغضب الشديد والمستمر دافعًا لارتكاب جرائم العنف، مثل القتل أو الاعتداء.
الإحباط والضغط النفسي: قد يلجأ بعض الأفراد إلى الجريمة كوسيلة للتنفيس عن الضغوط النفسية أو للهروب من مشكلاتهم.
انعدام التعاطف: الأشخاص الذين يفتقرون إلى القدرة على التعاطف مع الآخرين قد يرتكبون جرائم دون الشعور بالذنب أو الندم.
الطفولة والتنشئة الاجتماعية وتأثيرها على ارتكاب الجريمة
تلعب الطفولة المبكرة والتنشئة الاجتماعية دورًا حاسمًا في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه المستقبلي، حيث أن بعض العوامل النفسية المرتبطة بالطفولة قد تساهم في ارتكاب الجريمة، مثل:
التعرض للإساءة والعنف: الأطفال الذين يتعرضون للعنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي في صغرهم قد يكونون أكثر عرضة لارتكاب الجرائم عند البلوغ.
الإهمال الأسري: الأطفال الذين ينشؤون في بيئة غير مستقرة أو يعانون من الإهمال العاطفي قد يطورون سلوكيات منحرفة.
غياب القدوة الحسنة: إذا نشأ الطفل في بيئة تروج للعنف أو الجريمة، فقد يكتسب هذه السلوكيات باعتبارها تصرفات طبيعية.
تأثير الإدمان وتعاطي المخدرات
يعتبر الإدمان على المخدرات والكحول من العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة التي تزيد من احتمالية ارتكاب الجرائم، حيث تؤثر هذه المواد على الإدراك واتخاذ القرار، مما يؤدي إلى:
زيادة السلوك العدواني والعنف: بعض المخدرات تحفز الجهاز العصبي وتزيد من مستوى العدوانية لدى الأفراد كما أنها تلعب دورًا مهمًا في سيكولوجية الجريمة.
تراجع القدرة على التحكم في السلوك: يؤدي الإدمان إلى ضعف القدرة على التفكير المنطقي مما يؤثر على العقل البشري، مما قد يدفع الشخص إلى ارتكاب جرائم غير مدروسة.
اللجوء للجريمة لتمويل الإدمان: قد يلجأ بعض المدمنين إلى السرقة أو الاحتيال للحصول على المال لشراء المخدرات.
ضعف السيطرة على الدوافع
يعتبر ضعف القدرة على التحكم في الدوافع عاملاً نفسيًا رئيسيًا في ارتكاب الجريمة، حيث أن بعض الأفراد يواجهون صعوبة في كبح رغباتهم أو مقاومة إغراءات السلوك الإجرامي والسيكولوجية الاجرامية. ويرتبط ذلك بعدة عوامل مثل:
الاندفاعية وعدم التفكير في العواقب.
السعي وراء المتعة الفورية دون مراعاة العواقب.
غياب التخطيط والاستراتيجية في اتخاذ القرارات.
دور العلاج النفسي وإعادة التأهيل في اضطرابات سيكولوجية الجريمة
العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يستخدم لمساعدة المجرمين على فهم وتغيير أنماط تفكيرهم.
برامج التأهيل النفسي للسجناء: تهدف إلى تقليل معدلات العودة إلى الجريمة.
دبلوم علم النفس الجنائي وعلم الجريمة من كلية توتنج هيل
يساعدك دبلوم علم الجريمة وعلم النفس الجنائي من كلية نوتنج هيل البريطانية على فهم السلوك الإجرامي ونظام العدالة الجنائية. كما أنه يوفر مهارات متنوعة ومعرفة عميقة بالنظريات والتطبيقات العملية لدراسة أسباب الجريمة وتأثيراتها والاستجابات المجتمعية، ما يتيح للمشاركين إحداث تأثير إيجابي على الأفراد والمجتمعات التي تواجه تحديات الجريمة.
في الختام، تلعب العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة دورًا كبيرًا في دفع الأفراد إلى ارتكاب الجرائم، سواء كانت ناجمة عن اضطرابات نفسية، أو مشاعر انفعالية حادة، أو تأثير الطفولة والتنشئة، أو الإدمان، أو ضعف السيطرة على الدوافع. وللحد من الجريمة، يجب التركيز على الوقاية من خلال تقديم الدعم النفسي والعلاجي للأفراد المعرضين للخطر، وتعزيز دور الأسرة والتعليم في تشكيل سلوكيات إيجابية، إضافة إلى تطبيق برامج إعادة التأهيل للمجرمين لضمان اندماجهم في المجتمع بطريقة صحية وسليمة.
Comments